رحلة البحث عن وظيفة
( مطلوب سكرتيرة لشركة تجارية إستثمارية المؤهلات وجه وقوام جميل عدم وجود إرتباطات عائلية إستعداد للسفر والعمل حتى ساعات متأخرة تلفون…..)
هزّ أحمد رأسه وقال لا حول ولا قوة إلا بالله ده إعلان وظيفة وإلا…… طب إكتبوا على الأقل تعرف تطبع والا كمبيوتروالا أي داهية كده عيني عينك هي الدنيا جرى لها ايه؟
تعوذ من الشيطان ونظر الى ثاني إعلان ( مطلوب موظف إستعلامات يكون خريج جامعة ويجيد 3 لغات وخبرة لا تقل عن 5 سنوات تلفون….)
هزّ أحمد رأسه الله هي العالم اتجنت ولا ايه؟ بقى عاوزين خريج جامعة و3 لغات علشان يبقى موظف إستعلامات وامال الواحد لو عاوز يبقى مدير لازم يكون معاه ايه؟ ولا وفوق ده كله خبرة 5 سنواتّّ طب الواحد حيجيب الخبرة منين لما محدش يرضه يشغله؟
تعوذ من الشيطان مرة ثانية وأكمل وفجأة لمعت عيناه فرحاً وأحس أنه وجد ضالته في إعلان بالبنط العريض
(مؤسسة حكومية بحاجة الى عدد من الشباب الجامعيين لوظائف مرموقة عن طريق إختبار شفهي أمام لجنة للمعلومات الإتصال….)
بدأ قلب أحمد يدق من الهيجان وتبدل يأسه أملاً في الحصول على الوظيفة التي يحلم بها وهو الخريج بتفوق ولأن الأمر يخضع لإختبار ولجنة فلا مجال للوسايط يعني الأفضل هو الذي سيفوزبالوظيفة.
ذهب أحمد الى بيته وزف الخبر السعيد الى أمه التي لم تتمالك نفسها عن إطلاق زغرودة عيار 21 مليمتر هزّ صوتها بيوت الجيران كلهم وبدأت وكالة أنباء النسوة بنقل الخبر السعيد وكل واحدة تضيف عليه من عندها
- (آه يا اختي بيقولو حيبقى مدير في أكبر بنك في البلد)
- ( لا بنك ايه؟ ده حيبقى سفير)
- اسكتي انتي وهي سفير ايه؟ ده حيبقى دكتور في المستشفى
- دكتور ايه ياهبلة هو خريج طب؟
- وفيها ايه مش بيقولوا جاب واسطة؟يعني همة الدكاترة كلهم درسوا طب؟
- آه
- آه ازاي؟ ابن البيه اللي أنا باشتغل عنده راح أوروبا 6 أشهر رجع بعدها طبيب وتعين في مستشفى!!!
- لا يا ولية الواحد علشان يبقى دكتور لازم الاول يبقى وزير ! همه مش دايما في التلفزيون بيقولوا معالي الوزير الدكتور فلان !!!!
وإستمر نقاش الجارات حول طبيعة الوظيفة الجديدة لأحمد ولولا أن ميعاد الغداء قد حل وإنصراف كل واحدة لإطعام عائلتها لكان أحمد قد أصبح رئيس جمهورية دون أن يدري!
أما أحمد فقد كانت الأحلام الوردية تراوده وتخيل نفسه وقد أصبح موظفاً مرموقاً محترماً وراتب جيد تمكنه من مساعدة أهله والزواج.
نهض أحمد من السرير في يوم الإمتحان وإرتدى أحسن بدلة لديه وحلق ذقنه ووضع العطر وتوكل على الله وخرج وأمه من ورائه تدعوا له بالنجاح والموفقية والنصر على العدوين!!
وصل أحمد الى المؤسسة صاحبة الاعلان ونظر الى البناية وعلى الرغم من ان واجهة البناية قد أصبحت سوداء من كثر الوساخة والأتربة والدخان إلا أنها بانت له وكأنها قصر الأحلام من ألف ليلة وليلة.
دخل البناية وإتجه نحو قاعة الإمتحان ورأى صفاً طويلاً من الشباب الراغبين في الحصول على الوظيفة فسقط قلبه وكاد أن يغمى عليه ولكنه تمالك نفسه وقال في سره
- يعني انت كنت فاكر ايه؟ حتكون وحدك في المسابقة؟ وامال همه عاملين مسابقة ليه؟
سجل إسمه عند الحاجب وإنتظر دوره وبدأ المتقدمون يدخلون واحد تلو الآخر الى قاعة الإمتحان وبعضهم يخرج متهجماً وبعضهم مبتسماً وهو يقرأ الآيات القرآنية ويدعوا الله أن يوفقه في هذا الامتحان ولكنه متعجباً من أن الإعلان لم يذكر نوع الوظيفة ولا عنوانها ولا أي تفاصيل عنها.
خرج أحمد من شروده لدى سماعه إسمه ودخل الى القاعة فوجد لجنة مكونة من 3 أشخاص محترمين وكبار في السن سلم عليهم وجلس على كرسي موضوع أمام الطاولة التي تجلس اللجنة خلفها سأله أول عضو في اللجنة:
- ايه هي مؤهلاتك يا بني؟
أجابه أحمد وشرح له كل شيء عن الشهادة التي يحملها وأنه تخرج الاول على دفعته وحاز على عدة جوائز تقديرية لإجتهاده في الدراسة هزّ العضو الآخر في اللجنة رأسه وقال:
- جميل، جميل جداً دا انت ما شاء الله ثروة للبلد دي واحنا بنعتز بشباب مجتهد زيك
فرح أحمد لهذا الثناء واستبشر به خيراً
وهنا خاطبه العضو الثالث في اللجنة قائلاً:
والله احنا هنا في المؤسسة حريصين على اننا ما نوظفش الا الكفاءات العالية مش زي المؤسسات الثانية اللي توضف كيف ما كان, تصور حضرتك أنا أعرف واحد خريج لغة عربية بس علشان عنده واسطة عينوه مترجم اسباني!!!
أجابه أحمد:
- يا افندم لولا إن فيه ناس محترمة زي حضراتكم كانت البلد خربت من زمان يا افندم!!
قاطعه العضو الثاني في اللجنة قائلاً:
- شوف يا بني احنا لاحظنا إن شباب البلد بتهاجر لبلاد برة وبتتبهدل علشان ما فيش فرص عمل جوة البلد يعني فكرك الدكتور أحمد زويل لو كان لقى شغلانة كويسة داخل البلد كان هاجر بره؟؟ أكيد لا و كنا احنا استفدنا من خبراته بدل ما هو عايش كده بره وخيره للأجانب مش كده برضه؟
أجاب أحمد متحمساً
- ربنا يخليكم ذخراً للوطن أنتم يا افندم دوركم مش أقل من احمد عرابي ولا أقل من طلعت حرب ولا محمد على باشا أنتم يا افندم لازم يتعمل لكم تماثيل في وسط البلد يا افندم آه والله تماثيل كل واحد 10 أمتار!!
هزّ الرجل الذي يجلس في الوسط ويبدو عليه انه رئيس اللجنة رأسه وقال
- لا، لا، لا تماثيل ايه وبتاع ايه؟ احنا بنعمل بواجبنا وبس وده أقل حاجة يمكن يعملها أي شخص بيحب وطنه ويحرص على طاقات الشباب فيه أنا يا بني وأعوذ بالله من كلمة أنا بالنيابة عن أعضاء اللجنة احب أهنيك وأقولك مبروك إنت حصلت على الوظيفة وتقدر تستلم الشغل من بكره لو حبيت.
فرح أحمد ونهض من كرسيه وأخذ يصافح أعضاء اللجنة واحداً واحداً وهو يقول:
الله أكبر، يحيا العدل، اهو كده التعيين والله بلاش ربنا ينصر دينكم ويعلي مراتبكم كمان وكمان يا رب
وفجأة تذكر شيئاً وسأل رئيس اللجنة
- على فكرة أنا لسه ما عرفتش هيه إيه الوظيفة بالضبط؟
أجابه رئيس اللجنة
- الله انت ما قريتش الإعلان اللي ورا الباب؟
أجابه أحمد متلعثماً
- لا والله يا افندم أنا آسف بس من كثر قلقي ما شفتش ولا حاجة وأنا محظوظ إني ما وقعتش من طولي وأنا داخل هنا
ضحك رئيس اللجنة وقال
- معلش حصل خير الوظيفة هي بواب البناية
- حضرتك بتهزر مش كده؟ دمك حضرتك خفيف جداً يا افندم!!!
- هزار ايه يا محترم شايفني عيل معاك في الروضة علشان اهزر معاك؟!!
- يا نهار اسود انت بتتكلم جد بقى!!
- أكيد بجد طبعاً
- يا نهاركم مطيّن بقى عاملين إعلان في الجرايد ولجنة إمتحانات وشهادات جامعية علشان بواب!! انتم جايين منين؟ من مستشفى المجانين!!!
- احترم نفسك واعرف انت بتكلم مين ولعلمك فيه 100 واحد يتمنوا انهم يحصلوا على الوظيفة دي والعتب علينا احنا اللي اخترنا واحد فاشل زيك امشي تفضل اطلع بره من غير مطرود شباب صايع ما منوش فايدة وبعدين يزعلوا لما نستعين بخبرات أجنبية!!!
ونادى على الحاجب كي يدخل الشخص التالي الى القاعة .
وكل وظيفة وانتم بخير
لــ محسن الصفار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق